منزل في عين العاصفة: قصة إيواء ونزوح

في يوم من الأيام، كنت أمتلك بيتًا جميلًا في مدينة مزدحمة. عندما اضطررت لمغادرة البيت، قدمت عائلة نازحة من أقصى شرق المدينة وسكنت فيه. كان للعائلة ابن يتصل بي بانتظام ليخبرني كيف استعملوا الأشياء في البيت وما الذي وجدوه، وكان ذلك يبعث في نفسي الطمأنينة. 

 

منزل في عين العاصفة: قصة إيواء ونزوح

 

مرّت الأيام دون أن يحدث شيء للبيت، لا قصف ولا نهب. ومع مرور الوقت، أصبحت علاقتي بهذا الشاب تعتمد على تبادل الاعتذار أو الامتنان. وعندما اقترب الخطر من العائلة، اتصل بي وأخبرني أنهم سيغادرون البيت بسبب الهجوم الوشيك. فأجبته بقلق: "المهم أن تكونوا بخير، وطمّني عليكم، حبيبي!"

بعد دقائق، أرسل لي الشاب صورًا للصالون، الغرف، والمطبخ. بدا البيت مرتبًا ونظيفًا كأنه جديد. قلت له مستعجبًا ومستحيًا: "يا رجل، لم أكن لأنظفه بهذا الشكل. اتركوا البيت وخذوا كل ما يلزم واركضوا نحو مكان آمن، يلا!"

بعد شهر تقريبًا، وبعد انسحاب الجيش من الحيّ، ذهب الشاب بنفسه إلى البيت وأرسل لي صورًا جديدة: "تطمّن، بيتك موجود، لكن كان الجنود فيه وكاتبين بالعبرية على الحيطان، وهناك قذائف ومعركة دارت في المكان، لكنه لا يزال قائمًا." وبدأ يعتذر لأنه لم يستطع أخذ الكتب وبعض الأشياء معه. "هناك قذيفة حرقتهم."

اقترحت عليه أن يعود مع عائلته إلى البيت إذا كان آمنًا، لكنه تحجج بأسباب غير مقنعة. في النهاية، اتفقنا أن نترك الأمر لرغبتهم. في ختام المكالمة، ومن أدبه، اقترح أن ينظف ما تركه الجنود خلفهم، حتى إذا ما عدت.

أجبته مازحًا: "يا رجل، ذبحتني بخجلك! روّح إلى أهلك، وانتباه، واهتم بالدار." وصارت بيننا مجادلات لطيفة. في النهاية، فعل ما أراد.

بعد الهجوم الأخير، وقع البيت كله. انتظرت مكالمة الشاب لكنه لم يتصل، فتصلت به. أردت أن أخبره أنني كنت على حق وأن رعايته للبيت كانت غير ضرورية، حيث أن البيت سيسقط حتمًا. كما كنت متشوقًا لضحكتي الشريرة في أذنه.

رنّ الهاتف، وردّت أمه بصوت مكسور: "استشهد، كان رايح يجيبلي دوا."

وانتهت المكالمة.


"أنيس غنيمة، اللوحة للفنانة دانية آسيا"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق