📁 آخر الأخبار

تقرير عن المواقع التاريخية في بات والخطم والعين

تقع المواقع التاريخية في بات والخطم والعين بمحافظة الظاهرة، ولاية عبري، وتعتبر من الأثرية والتاريخية التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد. تقع هذه المواقع إلى الشرق من عبري، وتُعد ثاني موقع يتم إدراجه ضمن قائمة التراث العالمي في عمان عام 1988. 

 


 

يتكون الموقع من قبور بذات طراز أم النار في الجزء الجنوبي، بينما يشتمل الجزء الشمالي على قبور خلايا النحل التي ترجع إلى الألف الثالثة قبل الميلاد، وتشبه في بنائها مدافن فترة حفيت. كما تم الكشف عن مقبرة تتضمن 100 مدفن مبنية من الحجارة، حيث يظهر فيها التطور من مدافن خلايا النحل إلى مدافن فترة أم النار. فمن المعروف أن مدفن خلية النحل يضم ما بين مدفنين إلى خمسة مدافن، بينما تمثل مدافن فترة أم النار مدافن جماعية. وقد تم الكشف عن مدفن من هذا الطراز الأخير يحتوي على 30 غرفة دفن.

تكمن أهمية موقع بات التاريخية في كونه يقع عند ملتقى الطرق التجارية القديمة، حيث كانت القوافل تمر ببات محملة بالبضائع متجهة إلى المواقع الأخرى القريبة منها. وقد ارتبط إدراج مستوطنة بات في قائمة التراث العالمي بموقعين آخرين هما الخطم "الوهره" ومدافن وادي العين.

المقابر الأثرية

من أبرز ما يميز موقع بات انتشار المقابر الأثرية على سطح الأرض وعلى قمم الجبال. تمتد هذه المقابر بين قرية الوهرة إلى قرية بات، ويصل عدد القبور المنتشرة على السفوح الجبلية وحدها إلى حوالي 1000 قبر، بينما يبلغ عدد القبور الموجودة على السطح حوالي 130 قبر، تغطي معظمها الفترة الممتدة من نهاية الألفية الرابعة وحتى بداية الألفية الأولى قبل الميلاد. هناك نوعان من المقابر في الموقع: مقابر حفيت ومقابر أم النار، وتتواجد هذه النوعية في الجهة الشمالية من المستوطنة وعلى قمم الجبال المجاورة.

تصميم المقابر

مقابر حفيت مشيّدة بحيث تحتوي على جدارين دائريين متتاليين يحيطان بغرفة دفن دائرية أو بيضاوية، تم تغطية أرضياتها بألواح حجرية. وقد شيدت الجدران من حجارة غير مشذبة جلبت من الجبال الجيرية المجاورة، دون استخدام مونة. تتجه مداخل غرف الدفن، التي تتخذ شكل مثلث أو مربع، نحو الجنوب أو الغرب أو الشرق، وتُسد هذه المداخل بحجارة بعد عملية دفن الموتى. يُدفن الموتى مع مرفقات جنائزية مثل الخناجر النحاسية وقلادات مصنوعة من الخرز وأدوات حجرية وأواني فخارية مستوردة من حضارة جمدة نصر ببلاد الرافدين.

مقابر أم النار تقع في الجزء الجنوبي من الموقع، وتعود إلى فترة أم النار (2200-2700 قبل الميلاد)، وهي فترة ازدهرت فيها حضارة مجان. تتميز هذه المقابر بواجهات مبنية من الحجارة الجيرية البيضاء المشذبة، وتضم غرف متعددة تحتضن الموتى، الذين يُدفنون مع مرفقات جنائزية متنوعة محلية ومستوردة.

التنقيبات والبيوت

كشفت التنقيبات عن مستوطنة تقع عند منحدر جبلي في الجهة الجنوبية الشرقية من مقابر أم النار، تحتوي على آثار لبيوت ذات مخطط مستطيل، غرفها مطلة على فناء مركزي.

يحتوي موقع بات على 6 مباني حجرية ضخمة دائرية الشكل تتوزع في الموقع وفي قرية بات، ويتوسط غالبيتها بئر ماء. تم إحاطة عدد منها بخندق كبرج الرجوم وبرج (1156). تم بناء جميع هذه المباني مع غرف مصنوعة من الطين على أسس حجرية. أقدم هذه المباني يعود إلى حقبة حفيت (3200 -2700 قبل الميلاد) مثل برج الخطم وبرج الخفاجي.

مقابر وادي العين

على بعد 20 كم جنوب شرق بات، توجد مقابر وادي العين المميزة بأشكالها البرجية والمبنية بالحجارة الجيرية، والتي تعود أيضًا إلى فترة حفيت (3200-2700 قبل الميلاد). تأخذ هذه المقابر الشكل الدائري، حيث بُنيت فوق أرضية الجبل مباشرة، ويتوسطها غرف دفن دائرية أو بيضاوية، ويصل ارتفاعها ما بين مترين إلى أربعة أمتار ومتوسط قطرها خمسة أمتار، وأغلب مداخلها في الجهة الشرقية.

 

التاريخ والعمارة

لم تكن مدينة “بات” الأثرية في مطلع السبعينيات إلا مجرد أكوام من حجارة تتناثر في المناطق والمرتفعات، وكانت المخيلة الشعبية تنسج حولها قصصًا وأساطير. حينها لم يتخيل أحد أن هذه الأكوام تعود للألف الثالث قبل الميلاد، وأن سكانها عاشوا في عصر يُعرف بالعصر البرونزي، الفاصل بين من بنى تلك الأبراج الشبيهة بخلايا النحل وسكان بات الحاليين يصل إلى خمسة آلاف سنة. لذلك، فإن زيارة مستوطنة "بات" الواقعة في جهة الشرق من ولاية عبري بمحافظة الظاهرة هي زيارة استثنائية للتاريخ، تتيح للزائر فرصة قراءة فصول مثيرة من الزمن البعيد.

الأبراج

تعتبر الأبراج من المنشآت البارزة لمستوطنات الألف الثالث قبل الميلاد في شبه الجزيرة العمانية. تم بناء هذه الأبراج بالحجارة أو الطوب اللبن أو بالمادتين معًا، مستخدمة كتل حجرية ضخمة طول الواحد منها أكثر من متر. تم تصميمها بعناية وبدون استخدام ملاط. يتمحور نمط البناء حول صفين من الغرف على جانبي ساحة في الوسط، حيث لا تحتوي على أي نوافذ، وتوجد بئر ماء في الوسط.

ويختلف العلماء في تحديد الهدف من إنشاء هذه المنشآت الضخمة، فبعض الآراء تشير إلى أنها كانت مباني محصنة استخدمها النبلاء، بينما يرى آخرون أنها كانت معابد أو علامات لتحديد حرومات المستوطنات. تواجد في بات ستة أبراج ضخمة، تقع بعضها بالقرب من المدافن الأثرية وبعضها الآخر في وسط مزارع وقري بات، وقد أطلق السكان المحليون على بعضها اسم "قصور". استمر استخدام بعض هذه الأبراج حتى العصر الإسلامي، حيث تم إعادة استخدام أحدها كحصن لسكان القرية الحالية.

 

التنقيبات الأثرية في بات

مع بداية السبعينيات، قامت سلطنة عمان بالتعاون مع بعثات أثرية مختلفة (دنماركية، ألمانية، وأمريكية) بإجراء مسوحات وتنقيبات في المواقع الأثرية لعدة مواسم، بهدف استكشاف شواهد الحضارة العمانية العريقة. وكانت البداية بالكشف عن مدافن تقع بالقرب من قرية بات الحالية.

بعد دراسات استكشافية، قام الآثاريون بتقسيم الموقع إلى جزأين:

  • الجزء الجنوبي: يحتوي على مدافن تشابه مدافن فترة "أم النار".
  • الجزء الشمالي: يحوي مدافن تتشابه في بنائها مع مدافن "حفيت"، وهي أبراج تشبه خلايا النحل، مبنية من الحجارة بطريقة هندسية متقنة.

توجد أعداد كبيرة من المدافن تحيط بالبلدة من جميع الجهات، إلا أن أكبر تجمع لها يقع على بعد نصف كيلومتر شمال بلدة بات. كشفت المسوحات عن وجود مقبرة متطورة البناء، تحتوي على 100 مدفن حجري، يبلغ ارتفاع القبر الواحد منها ثمانية أمتار. عُثر في هذه المقابر على قطع من الفخار الأحمر، تشبه فخار موقع "جمدة نصر" بالعراق، بالإضافة إلى فخار مزخرف بأناقة يظهر عليه خطوط سوداء أفقية الشكل، وقطع فخارية أخرى ذات مقابض للتعليق، وهو نوع شائع كان في مدافن ومستوطنات فترة "أم النار" المنتشرة في عمان والإمارات.

الحياة الاقتصادية والاجتماعية في بات

يرا الباحثون أن مدينة بات عاشت فترات من الرخاء الاقتصادي، وذلك بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي والغني بالموارد. تميزت بات بوفرة المياه وأراضيها الزراعية الخصبة، ولعبت الحركة التجارية للقوافل دورًا كبيرًا في ازدهارها، حيث كانت القوافل التجارية القادمة من شبه الجزيرة العربية تمر عبر بات، وتتاجر في أسواقها، وتستجيب لاحتياجاتها قبل الوصول إلى وجهتها.

المعالم الدفاعية

بالإضافة إلى المدافن، يحتوي الموقع على أبراج دفاعية كبيرة الحجم ودائرية الشكل، منتشرة في مواقع أخرى بمحافظة الظاهرة. تميزت هذه الأبراج بتقسيمات هندسية رائعة، حيث يبدو أنها كانت تستخدم كأبراج حراسة.

تمهيداً للبدء في مشروع التأهيل السياحي لمستوطنة بات الأثرية، تم التنقيب في عدد من القبور الأثرية التي تعود إلى فترة "أم النار" والعصر الحديدي. كما تم ترميم أحد قبور المدينة الأثرية فوق تل، بقوالب حجرية بيضاء، إضافة إلى ترميم بعض غرف البرج الرئيسي في المستوطنة لحمايتها من الانهيار والاندثار.

نظراً لأهمية الموقع الثقافية والتاريخية، أدرجت منظمة اليونسكو بات في عام 1988 ضمن قائمة التراث العالمي، حيث اقترن إدراج هذه المستوطنة بموقعين آخرين هما: الخطم "الوهرة" ومدافن **"وادي العين"**، وذلك للتناسق الجغرافي والجيولوجي والبيولوجي والأثري لهذه المواقع.

موقع الخطم (الوهرة)

يبعد موقع الخطم مسافة كيلومترين عن مستوطنة بات، ويقع تحديدًا جهة جنوب الغرب منها. يشمل الموقع برجًا بيضاوي الشكل ينتمي إلى فترة الألف الثالث قبل الميلاد، ويقع فوق تل صغير، وتنتشر على سلسلة التلال المحيطة بالبرج مدافن ركامية تعود إلى تلك الفترة البعيدة.

المستشار التربوي
المستشار التربوي
أنا شغوف بتحسين التعليم وإثراء المحتوى الإعلامي. بدأت هذا الاهتمام منذ سنوات عديدة عندما لاحظت الفجوة الكبيرة بين ما يُدرس في المدارس وما يحتاجه الطلاب لمواجهة تحديات الحياة الحديثة. لهذا السبب، قررت أن أكرس حياتي المهنية لتطوير استراتيجيات تعليمية مبتكرة وتقديم استشارات فعالة للأفراد والمؤسسات. إذا كنت تشارك نفس الاهتمام أو تحتاج إلى استشارات في مجال التعليم أو الإعلام، فلا تتردد في التواصل معي. أنا هنا لمساعدتك ودعمك في رحلتك التعليمية والإعلامية.
تعليقات