تقع المواقع التاريخية في بات والخطم والعين بمحافظة الظاهرة، ولاية عبري، وتعتبر من الأثرية والتاريخية التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد. تقع هذه المواقع إلى الشرق من عبري، وتُعد ثاني موقع يتم إدراجه ضمن قائمة التراث العالمي في عمان عام 1988.
يتكون الموقع من قبور بذات طراز أم النار في الجزء الجنوبي، بينما يشتمل الجزء الشمالي على قبور خلايا النحل التي ترجع إلى الألف الثالثة قبل الميلاد، وتشبه في بنائها مدافن فترة حفيت. كما تم الكشف عن مقبرة تتضمن 100 مدفن مبنية من الحجارة، حيث يظهر فيها التطور من مدافن خلايا النحل إلى مدافن فترة أم النار. فمن المعروف أن مدفن خلية النحل يضم ما بين مدفنين إلى خمسة مدافن، بينما تمثل مدافن فترة أم النار مدافن جماعية. وقد تم الكشف عن مدفن من هذا الطراز الأخير يحتوي على 30 غرفة دفن.
تكمن أهمية موقع بات التاريخية في كونه يقع عند ملتقى الطرق التجارية القديمة، حيث كانت القوافل تمر ببات محملة بالبضائع متجهة إلى المواقع الأخرى القريبة منها. وقد ارتبط إدراج مستوطنة بات في قائمة التراث العالمي بموقعين آخرين هما الخطم "الوهره" ومدافن وادي العين.
المقابر الأثرية
من أبرز ما يميز موقع بات انتشار المقابر الأثرية على سطح الأرض وعلى قمم الجبال. تمتد هذه المقابر بين قرية الوهرة إلى قرية بات، ويصل عدد القبور المنتشرة على السفوح الجبلية وحدها إلى حوالي 1000 قبر، بينما يبلغ عدد القبور الموجودة على السطح حوالي 130 قبر، تغطي معظمها الفترة الممتدة من نهاية الألفية الرابعة وحتى بداية الألفية الأولى قبل الميلاد. هناك نوعان من المقابر في الموقع: مقابر حفيت ومقابر أم النار، وتتواجد هذه النوعية في الجهة الشمالية من المستوطنة وعلى قمم الجبال المجاورة.
تصميم المقابر
مقابر حفيت مشيّدة بحيث تحتوي على جدارين دائريين متتاليين يحيطان بغرفة دفن دائرية أو بيضاوية، تم تغطية أرضياتها بألواح حجرية. وقد شيدت الجدران من حجارة غير مشذبة جلبت من الجبال الجيرية المجاورة، دون استخدام مونة. تتجه مداخل غرف الدفن، التي تتخذ شكل مثلث أو مربع، نحو الجنوب أو الغرب أو الشرق، وتُسد هذه المداخل بحجارة بعد عملية دفن الموتى. يُدفن الموتى مع مرفقات جنائزية مثل الخناجر النحاسية وقلادات مصنوعة من الخرز وأدوات حجرية وأواني فخارية مستوردة من حضارة جمدة نصر ببلاد الرافدين.
مقابر أم النار تقع في الجزء الجنوبي من الموقع، وتعود إلى فترة أم النار (2200-2700 قبل الميلاد)، وهي فترة ازدهرت فيها حضارة مجان. تتميز هذه المقابر بواجهات مبنية من الحجارة الجيرية البيضاء المشذبة، وتضم غرف متعددة تحتضن الموتى، الذين يُدفنون مع مرفقات جنائزية متنوعة محلية ومستوردة.
التنقيبات والبيوت
كشفت التنقيبات عن مستوطنة تقع عند منحدر جبلي في الجهة الجنوبية الشرقية من مقابر أم النار، تحتوي على آثار لبيوت ذات مخطط مستطيل، غرفها مطلة على فناء مركزي.
يحتوي موقع بات على 6 مباني حجرية ضخمة دائرية الشكل تتوزع في الموقع وفي قرية بات، ويتوسط غالبيتها بئر ماء. تم إحاطة عدد منها بخندق كبرج الرجوم وبرج (1156). تم بناء جميع هذه المباني مع غرف مصنوعة من الطين على أسس حجرية. أقدم هذه المباني يعود إلى حقبة حفيت (3200 -2700 قبل الميلاد) مثل برج الخطم وبرج الخفاجي.
مقابر وادي العين
على بعد 20 كم جنوب شرق بات، توجد مقابر وادي العين المميزة بأشكالها البرجية والمبنية بالحجارة الجيرية، والتي تعود أيضًا إلى فترة حفيت (3200-2700 قبل الميلاد). تأخذ هذه المقابر الشكل الدائري، حيث بُنيت فوق أرضية الجبل مباشرة، ويتوسطها غرف دفن دائرية أو بيضاوية، ويصل ارتفاعها ما بين مترين إلى أربعة أمتار ومتوسط قطرها خمسة أمتار، وأغلب مداخلها في الجهة الشرقية.
التاريخ والعمارة
لم تكن مدينة “بات” الأثرية في مطلع السبعينيات إلا مجرد أكوام من حجارة تتناثر في المناطق والمرتفعات، وكانت المخيلة الشعبية تنسج حولها قصصًا وأساطير. حينها لم يتخيل أحد أن هذه الأكوام تعود للألف الثالث قبل الميلاد، وأن سكانها عاشوا في عصر يُعرف بالعصر البرونزي، الفاصل بين من بنى تلك الأبراج الشبيهة بخلايا النحل وسكان بات الحاليين يصل إلى خمسة آلاف سنة. لذلك، فإن زيارة مستوطنة "بات" الواقعة في جهة الشرق من ولاية عبري بمحافظة الظاهرة هي زيارة استثنائية للتاريخ، تتيح للزائر فرصة قراءة فصول مثيرة من الزمن البعيد.
الأبراج
تعتبر الأبراج من المنشآت البارزة لمستوطنات الألف الثالث قبل الميلاد في شبه الجزيرة العمانية. تم بناء هذه الأبراج بالحجارة أو الطوب اللبن أو بالمادتين معًا، مستخدمة كتل حجرية ضخمة طول الواحد منها أكثر من متر. تم تصميمها بعناية وبدون استخدام ملاط. يتمحور نمط البناء حول صفين من الغرف على جانبي ساحة في الوسط، حيث لا تحتوي على أي نوافذ، وتوجد بئر ماء في الوسط.
ويختلف العلماء في تحديد الهدف من إنشاء هذه المنشآت الضخمة، فبعض الآراء تشير إلى أنها كانت مباني محصنة استخدمها النبلاء، بينما يرى آخرون أنها كانت معابد أو علامات لتحديد حرومات المستوطنات. تواجد في بات ستة أبراج ضخمة، تقع بعضها بالقرب من المدافن الأثرية وبعضها الآخر في وسط مزارع وقري بات، وقد أطلق السكان المحليون على بعضها اسم "قصور". استمر استخدام بعض هذه الأبراج حتى العصر الإسلامي، حيث تم إعادة استخدام أحدها كحصن لسكان القرية الحالية.