كانت مدينة الناصرة على مر العصور بوابةً للغزو الخارجي، حيث توالت عليها الغزوات والحروب من مختلف البلدان فقد اجتاحتها قوى عديدة، منها الفرس واليونان والرومان، وكذلك البيزنطيون، والصليبيون، والمغول، والعثمانيون، والفرنسيون، البريطانيون، وأخيرًا الاحتلال الصهيوني، حيث كانت هذه المدينة دائما هى الهدف لأغراضهم السياسية والعسكرية.
ورغم مكانتها الدينية العظيمة ظلت الناصرة محط أطماع العديد من القوى العالمية، ويُقال إنها المدينة التي نشأ وتربى فيها المسيح ابن مريم مما جعلها واحدة من أقدس المدن في العالم المسيحي، فقد شهدت تاريخًا حافلًا بالأحداث والمعارك، وسنستعرض في هذا المقال الناصرة ابان العهدين المملوكي والعثماني.
الأهمية الدينية لمدينة الناصرة
تعد الناصرة واحدة من أقدس المدن لدى المسيحيين، حيث يُعتقد أنها المدينة التي عاش فيها المسيح ابن مريم، ما جعلها مركزًا دينيًا للحجاج المسيحيين القادمين من مختلف أنحاء العالم، وتحتوي المدينة العديد من المواقع الدينية الهامة، أبرزها كنيسة البشارة التي يُعتقد أن السيدة مريم العذراء تلقت فيها البشارة بميلاد المسيح، هذه الأهمية الدينية ساهمت في تنشيط السياحة الدينية فيها، وجعلتها وجهة للحجاج طوال العصور.لمعرفة المزيد عن مدينة الناصرة من هنا.
الموقع الجغرافي لمدينة الناصرة
مدينة الناصرة تتميز بموقعها الجغرافي الممتاز، وهو من الأسباب التي جعلتها مركز جذب للكثيرين من الأطماع، فهي تقع على الطرق الرئيسية التي تربط مصر بسوريا من جهة، ومن جهة أخرى تربط الأردن وفلسطين، كما تبعد عن مدينة القدس حوالي 105 كيلومترات إلى الشمال، وعن دمشق حوالي 129 كيلومترًا باتجاه الجنوب الغربي، وعن بيروت حوالي 133 كيلومترًا.لمعرفة المزيد عن تعبير عن قضية فلسطين قصير
مدينة الناصرة عبر العصور منذ الحملة الصليبية حتي وقتنا الحالي
أولاً:مدينة الناصرة والحروب الصليبية
في عام 1099، تمكن الصليبيون من احتلال فلسطين، وبعد الحملة الصليبية أصبحت مدينة الناصرة تحت حكمهم، وقد جعلوا منها المقر الرئيسي للكنيسة، كما أصبحت مركزاً مهماً للحجاج الوافدين من أوروبا، وخلال هذه الفترة أنشأ الصليبيون العديد من الكنائس من أهمها كنيسة البشارة ما جعل المدينة ذو مركز ديني بارز.وأثناء هذه الفترة شهدت الناصرة خلال حكم الصليبيين ازدهاراً دينياً وثقافياً حيث ركزوا على بناء الكنائس وتطويرها لخدمة الحجاج المسيحيين الوافدين نظرًا لارتباط المدينة بحياة السيد المسيح عيسى بن مريم والسيدة مريم العذراء.
الناصرة في عهد المماليك
في عام 1187، حقق القائد صلاح الدين الأيوبي نصراً كبيراً على الصليبيين في معركة حطين الشهيرة واستعاد كل المدن المحتلة ومن أهمها مدينة الناصرة ورغم عودة القدس إلى الحكم الإسلامي، إلا أنها بقيت وجهة أساسية للحجاج المسيحيين في عهده ولكن بالشروط التي فرضها السلطان صلاح الدين.أثناء حكم السلطان بيبرس
سمح صلاح الدين الأيوبي للمسيحيين بزيارة الأماكن المقدسة ضمن شروط معينة، مما ساهم في استمرار قدوم الحجاج إلى المدينة، ولكن في القرن الثالث عشر قام "السلطان المملوكي الظاهر بيبرس" بطرد الصليبيين نهائياً من فلسطين وبلاد الشام.
سمح صلاح الدين الأيوبي للمسيحيين بزيارة الأماكن المقدسة ضمن شروط معينة، مما ساهم في استمرار قدوم الحجاج إلى المدينة، ولكن في القرن الثالث عشر قام "السلطان المملوكي الظاهر بيبرس" بطرد الصليبيين نهائياً من فلسطين وبلاد الشام.
وفي عام 1263 أمر السلطان بيبرس بتدمير الكنائس بما في ذلك كنيسة البشارة والتي كانت من أهم الكنائس للمسيحيين، فلم يكن هدف السلطان بيبرس تحويل الناصرة إلى مدينة حضارية بل أراد تحصينها للحماية من أي غزو خارجي.
ونتيجة لذلك تراجع الوجود المسيحي في المدينة وتحولت الناصرة إلى قرية صغيرة يسكنها المسلمون فقط.
اعتمدت المدينة بشكل رئيسي على زراعة الزيتون والقمح، وبسبب زيادة أعداد الحجاج الوافدين من أوروبا في القرن الثامن عشر، أصبحت المدينة مركزاً دينياً بارزاً مما ساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية.
الناصرة في العهد العثماني
دخل العثمانيون فلسطين في القرن 16 واستمر حكمهم حتى الحرب العالمية الأولى، اهتم العثمانيون بالناصرة حيث سمحوا بترميم الكنائس، بما في ذلك كنيسة البشارة في عهد السلطان أحمد الأول وشهدت المدينة ازدهاراً جذب إليها المسيحيين من المناطق المجاورة.اعتمدت المدينة بشكل رئيسي على زراعة الزيتون والقمح، وبسبب زيادة أعداد الحجاج الوافدين من أوروبا في القرن الثامن عشر، أصبحت المدينة مركزاً دينياً بارزاً مما ساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية.
نهاية الحكم العثماني
مع تدهور الأحوال الاقتصادية للدولة العثمانية، قامت الحكومة العثمانية بأول عملية بيع لأراضي فلسطين، حيث باعت عدة قطع من الأراضي لأثرياء من بيروت شملت أراضي في الناصرة وسهل مرج ابن عامر ومناطق أخرى.
أدت هذه الصفقات إلى تملك بعض الأثرياء لهذه الأراضي وأطلق عليهم لاحقاً لقب "ملاك الأراضي"، مما كان له تأثير سلبي على المنطقة وسكانها الأصليين.
كانت الناصرة في ظل الحكم البريطاني تشهد ازدهاراً كبيراً، حيث اعتمدت على الزراعة والسياحة وأصبحت مركزاً إدارياً مهماً، حيث بلغ عدد سكانها حينذاك نحو 17,000 نسمة، وكانت مقصدًا رئيسيًا للسياح والحجاج.
الاحتلال البريطاني لمدينة الناصرة
استولى الإنجليز على مدينة الناصرة بعد انتصارهم في الحرب العالمية الأولى حيث دخلت فلسطين تحت الحكم البريطاني عام 1918، مما هيأ الأرض لإقامة الكيان الصهيوني لاحقاً.كانت الناصرة في ظل الحكم البريطاني تشهد ازدهاراً كبيراً، حيث اعتمدت على الزراعة والسياحة وأصبحت مركزاً إدارياً مهماً، حيث بلغ عدد سكانها حينذاك نحو 17,000 نسمة، وكانت مقصدًا رئيسيًا للسياح والحجاج.
السيطرة الصهيونية على مدينة الناصرة
بعد عام 1948، ظلت مدينة الناصرة تدير شؤونها داخلياً، لكن إسرائيل أنشأت منطقة جديدة بالقرب منها أطلق عليها "الناصرة العليا" (نتسيرت عيليت)، بهدف إسكان المستوطنين، كما خُصصت منطقة شمالية أخرى لإقامة العائلات من الجنود الصهاينة المتزوجين، في إطار مشروع يهدف إلى توسيع السيطرة الصهيونية على المدينة ومحيطها.في ختام هذا المقال، نكون قد شرحنا المعاناة التي عاشها سكان مدينة الناصرة، وتعرضهم للغزوات والمعارك العديدة التي شهدتها المدينة منذ الحملة الصليبية وحتى وقتنا الحاضر، وهي الآن تحت سيطرة الاحتلال الصهيوني، ولكن برغم كل التحديات والصعوبات التي عاشتها المدينة فنحن لن نهجر وطننا ولن ننسي وعلي يقين بأن الاحتلال مهما طال وجوده سيزول ويرحل في النهاية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق