قصة عن الغيبة وأثرها

 في زمن بعيد، كان هناك مجتمع يتسم بالتعاون والمحبة، لكن شيئًا فشيئًا بدأ يظهر فيه نوع من التصرفات السلبية التي أخذت تعكر صفو العلاقات بين أفراده. كان الخلافات والمنازعات تطل برأسها، وتثقل كاهل الأصدقاء والأسر. هذا النوع من التصرفات كان يُعرف بالغيبة، وهي عندما يتحدث شخص عن آخر بما يسيء إليه، حتى لو كان الحديث صحيحًا. 

 

 

ما هي الغيبة؟

الغيبة تعني أن تذكر أخاك بشيء لو سمعه لأساء إليه. الأمر يتعدى القول حول صفاته الجسدية مثل كونه قصيرًا أو طويلًا أو أعمى، ليشمل صفات شخصيته وأفعاله أيضًا. كان الناس يصفونه بأنه ضعيف، جبان، أو كثير الكلام، دون مراعاة لمشاعره. حتى لو كان الشخص صادقًا في كل كلمة يقولها، فإن الغيبة تبقى غيبة، وهي تؤذي المشاعر وتفكك الروابط.

على سبيل المثال، إذا استخدم أحدهم ملامح شخص ما لوصفه، مثل شعوره بالحرج من ملابسه أو وسيلة نقله، فإن ذلك يُعتبر غيبة. لم يستطع الجميع أن يتجنبوا هذه الفكرة، حيث كانت تتسرب إلى أحاديثهم.

أثر الغيبة على العلاقات

واحدة من أخطر الأمور حول الغيبة هي قدرة المستمع على أن يصبح جزءًا من المشكلة. فقد تعودت مجموعة من الأصدقاء على الاستماع إلى أحاديث المغتابين بروح من التعجب، مما أتاح للمغتاب فرصة الاستمرار في الحديث المؤلم. "عجبًا، ما كنت أعلم أنه يفعل ذلك!"، يقول أحدهم، مما يزيد الضغط على الشخص الغير حاضر.

ومع مرور الوقت، بدأت الغيبة تتفشى في المجتمع، وأصبح الإيمان بالتحذير منها ضروريًا. كان لدى أحد المعلمين الحكيمين طريقة لتعليم طلابه أهمية عدم الانغماس في تلك السلوكيات المدمرة. ذكرهم بحديث نبوي شريف يقول: "من كانت له مظلمة لأخيه، فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم". إذن، كانت الغيبة تفسد العلاقات وتجعل الناس يحملون أعباء غيرهم من دون داعٍ.

دعوة للتغيير

في واقعتنا، يعكس الحديث الشريف دعوة واضحة لجعل المحبة والتسامح سيدة الموقف. الغيبة ليست مجرد كلمات تُقال، بل هي مسؤولية تقف على عاتق كل فرد في المجتمع. إن الحديث عن الآخرين يجب أن يكون مفعمًا بالمودة والإيجابية بدلاً من التعليقات السلبية والجارحة.

لذا، ينبغي علينا جميعًا أن نتذكر أهمية بناء مجتمع صحي مبني على الثقة، والأصل في العلاقات أن تكون قائمة على المحبة والاحترام. بالتأكيد، الغيبة تضر الجميع، وعلينا أن نعمل معًا على نشر الوعي حول مخاطرها وأثرها في حياتنا اليومية. 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إياكم والغيبة، فإن الغيبة أشد من الزنا. قالوا: ولِمَ يا رسول الله؟ قال: إن الرجل قد يزني فيتوب إلى الله، فيتوب الله عليه، ولكن من كانت له مظلمة على أخيه، فإن الله لا يغفر له حتى يغفر له أخوه."

رواه أحمد، والطبراني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق