في فيلم "حياة الماعز" الذي يتصدر التريند حاليًّا، نتابع قصة هنديين تعرضا لتجربة قاسية في السعودية، ما دفعهما إلى التفكير في الهرب عبر الصحراء. لكن محاولات البطل نجيب تبوء بالفشل، حتى يخبره صديقه حكيم عن شخص يدعى إبراهيم، يمكنه مساعدتهما. في رأيي، البطل الحقيقي للقصة هو إبراهيم.
إبراهيم في هذه المأساة يمثل مثالًا نادرًا للتضحية الإنسانية البحتة. فهو ليس الأخ لأخيه، ولا الصديق لصديقه، ولا الأب لأبنائه، ولا ابن البلد لبلدياته. في الواقع، العلاقة بين إبراهيم ونجيب سطحية للغاية، فهي مجرد معرفة عن طريق شخص مشترك (حكيم)، الذي يعرف كلا منهما. ومما يزيد الأمر غرابة، أن حكيم نفسه يعرف إبراهيم حديثًا، ولم يكن بينهما سنوات من المواقف والجميل. ومع ذلك، قرر إبراهيم أن يساعد نجيب وصديقه.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا يفعل إبراهيم ذلك؟ في العلاقات التي لا توجد فيها روابط قوية، يكتفي الشخص غالبًا بإبداء الرأي أو توضيح المعلومات، ولكن لا يعرّض حياته للخطر من أجل غرباء. ومع ذلك، نرى إبراهيم الشاب الإفريقي يقرر اصطحاب نجيب وصديقه في رحلة مليئة بالمخاطر لمساعدتهما على الهرب.
إبراهيم يفعل ذلك مع نجيب، الذي لم يتبادل معه الحديث سوى مرات قليلة، وكان يكتفي بـ"ياهذا" أو ما شابه. كما أنه يفعل ذلك مع حكيم، الذي يعرفه ويعرف نياته الطيبة. ومع ذلك، نجد حكيم في أحد المشاهد يوبخ إبراهيم، محملاً إياه مسؤولية الرحلة وما يواجهانه من مشاق ونقص الماء.
ورغم أن إبراهيم كان يمكن أن يبرر مساعدته بأنه يشاركهم في المأزق نفسه، إلا أن الأحداث النهائية تنفي هذا التبرير، حيث يختفي إبراهيم بعد أن يوصل نجيب إلى الطريق، دون وداع ودون انتظار كلمة شكر واحدة، ليعود إلى مخاطرة أخرى، بعد أن أدى دوره على أكمل وجه.
إبراهيم ليس نموذجًا يمكن العثور عليه دائمًا في الحياة اليومية، لكن قد تلتقي بأناس لديهم جزء من إنسانية إبراهيم. فكن معهم، وقل لهم شكرًا، حتى وإن لم يسمعوا كلمات الشكر التي لم ينطقها نجيب أو حكيم.